كتب: محمد محمود
الصور المتداولة لاستقبال سفير الولايات المتحدة في مقر النادي الأهلي بالجزيرة ، واللقاء مع الكابتن محمود الخطيب رئيس النادي ، تحمل العديد من الإشارات المتعلقة بالدبلوماسية الرياضية وإدراك للقيمة التاريخية لمؤسسة رياضية بحجم النادي الأهلي ، فمكانة الأهلي العظيم وألقابه القارية ومشاركاته المتكررة في الأحداث الرياضية الدولية والنسخ المتتالية لكأس العالم للأندية، حفزت ممثلة الدولة - صاحبة القوة السياسية والاقتصادية والقائد للنظام الدولي بصورته الحالية- للقيام بتحرك يوصف بأنه جزء أصيل في الـدبلوماسية الشعبية/ العامة Public Diplomacy، ويعكس إدراكاً بقيمة التواصل الفاعل مع الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني من خلال عدة منابر ( الرياضة ، الإعلام ، الثقافة ) كعامل مساعد على تعزيز العلاقات الدبلوماسية التقليدية ، والعديد من الدول تلجأ إلى استخدام الرياضة كوسيلة الحوار والتفاهم مع الدول والشعوب الأخرى.
أسست وزارة الخارجية الأمريكية قسم خاص للدبلوماسية الرياضية والمبعوثين الرياضيين، واعتمدت الخارجية الأسترالية منذ ٢٠١٥ دبلوماسية الرياضة كقوة ناعمة ضمن سياساتها الخارجية Australia Sport Diplomacy Strategy 2030 مع التركيز على دول جوارها في المحيط الهادي، وفرنسا
طورت خلال السنوات الماضية دبلوماسية رياضية تركز بشكل كبير على تطوير حضورها في الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، فضلاً عن الاهتمام المتنامي من جانب الدول الخليجية بالاستثمارات الضخمة في كرة القدم لبناء قوة ناعمة عابرة للقارات وإثبات التطورات الاقتصادية والتكنولوجية وتوظيف الوفرة المالية في استضافة مناسبات رياضية وإبراز البنية التحتية المتطورة.
هذا، ولا يقتصر الاهتمام دبلوماسية الرياضة على الدول وإنما يمتد للمؤسسات الرياضية ذائعة الصيت، ويعتمد الأهلي المصري على صف طويل من الألقاب والإنجازات عابرة الحدود، وينظر إليه باعتباره نموذجاً رائداً للتطور الرياضي في المنطقة، بما يمتلكه من بنى تحتية ومرافق وفروع في أكثر من مكان عززت سمعته في الخارج، ويُعد التمثيل الرياضي من أبرز صور الترويج للدولة وإمكانياتها. لذا، فإن الأهلي بمثابة ثروة دبلوماسية وقوة ناعمة فاعلة لمصر وللقارة الأفريقية، بحضوره المتميز على الساحة الدولية.
بشكل عام ، اكتسب الأهلي كمؤسسة رياضية مكانته السامية من خلال مقومات إدارية وجماهيرية منحته استقرار إداري وشعبية في عدة دوائر جغرافية ، الأمر الذي يضع عبء علي الإدارات المتعاقبة للحفاظ علي الدرجات المتميزة التي بلغها اسم الأهلي وأصبح علامة تجارية في منصات محلية وقارية ولديه منشآت وبنية تسمح باستضافة مسابقات في ألعاب متنوعة، ومشاركة الأهلي في كأس العالم للأندية عززت مكانته كنموذج لدبلوماسية الرياضة ، التي أصبحت اليوم من أكثر نماذج القوة الناعمة رواجاً على المستوي الدولي ، وإدراكاً لدور الدبلوماسية الرياضية في التقريب بين الشعوب وأهمية تعزيز التنسيق والتواصل بين البعثات الدبلوماسية ينظم النادي الأهلي - بشكل سنوي - بطولة السفارات لكرة القدم.
ويلاحظ أن الولايات المتحدة تركز في الآونة الحالية علي تنشيط صور الدبلوماسية العامة ، باستضافة الأحداث الرياضية الكبري التي تُعد منصة مهمة لتسليط الضوء علي الدولة وإمكانياتها الاقتصادية وقدراتها البشرية وكذلك تعزيز جاذبيتها أمام المستثمرين ، وتستضيف الولايات المتحدة كأس العالم للأندية هذا الصيف وكأس العالم في صيف ٢٠٢٦ وكذلك كأس العالم للسيدات في ٢٠٣١ ، ومن المرجح أن تستغل واشنطن هذه الفعاليات الدولية لمحاولة تغيير الصورة النمطية عنها، وكذلك الترويج للمنهج الذي تتبناه القيادة السياسية الأمريكية الحالية بنبذ الحروب وتشجيع السلام .