في مارس 2020 رصدت إيطاليا أكثر من عشرة الاف حالة وفاة بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد في أراضيها.
وبتجاوز إيطاليا العشرة الاف حالة وفاة وأكثر من 80 ألف حالة إصابة بالفيروس الذي بدأ من مدينة ووهان الصينية أواخر عام 2019 تكون جائحة كورونا هي أكبر واشد الازمات والكوارث التي تضررت منها البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
تضررت كرة القدم بشكل مخيف بعد انتشار فيروس كورونا في دول العالم، لتتوقف كل أنشطة اللعبة بشكل خاص والرياضة بشكل عام لتتوقف كل البطولات التي يتابعها الملايين في كل العالم سواء دوريات محلية او حتى المسابقات القارية.
وحتى كتابة هذه السطور لم يتم حسم مصير العديد من البطولات الأوروبية ان كان الموسم سيتم الغائه ام سيتم استكمال فعاليته والتعرف على الأبطال في الدوريات المختلفة.
وفي تاريخ العالم تضررت كرة القدم والرياضة بشكل عام في أكثر من كارثة عالمية، جاءت بعضها بسبب النزاعات البشرية التي ضربت العالم اجمع، ولعل أبرز تلك الكوارث هي كارثة الحرب العالمية الثانية.
الكرة في الحرب العالمية الثانية:
تأثرت الدوريات العالمية المختلفة بعد اندلاع الحرب، فبعد غزو الجيش الألماني لبولندا وجهت إنجلترا انذار لهتلر آنذاك بالانسحاب ومع عدم استجابة الرايخ الثالث الحاكم في المانيا النازية أعلنت فرنسا وانجلترا الحرب على المانيا.
عقب اعلان الحرب جمدت إنجلترا الأنشطة الرياضية وأصدرت قرار بإيقاف بطولة الدوري وكل البطولات الرسمية الخاضعة لسلطة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم واكتفت بإقامة بعض البطولات الودية في الأقاليم المختلفة.
تقطعت مباريات كرة القدم الودية التي اقامتها إنجلترا بسبب ظروف الحرب كما تسبب انضمام أكثر من لاعب لصفوف الجيش بشكل سلبي على تلك البطولات التي رأت مختلف القيادات في الحكومة انها جيدة من اجل رفع الروح المعنوية للمواطنين وخصوصاً عشاق اللعبة الذين اعترضوا على الغاء البطولات ليتم تعويضهم بالبطولات الإقليمية التي أصرت الحكومة على اقامتها بعيدة عن السكك الحديدية بمسافة لا تقل عن 50 ميل لتسهيل عملية نقل الجنود والبضائع الخاصة بالحرب.
وأصدرت الحكومة الإنجليزية قراراً يلزم منظمي المباريات بقصر الحضور الجماهيري على 8 الاف متفرج فقط بسبب المخاوف من قصف التجمعات الكبيرة من الطيران الألماني.
وعلى الرغم من دخول الجيوش الألمانية التي عرفت بـ الفيرماخت في الحرب بكل قوة في مختلف انحاء أوروبا الا ان الدوري الألماني توقف فقط لمدة شهر وبعد ذلك تم استكماله بل ومع سقوط الدول في قبضة المانيا النازية ضم الدوري الألماني العديد من الأندية بجنسيات مختلفة كبولندا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا.
واستمر الدوري الألماني بدخول بعض الأندية في منافساته وحققت الأندية النمساوية القاب كبيرة، حيث تمكن رابيد فينا النمساوي من حصد لقب كأس المانيا عام 1938 كما حقق بطولة الدوري الألماني عام 1941.
كما ظهرت اندية عسكرية شاركت في بطولات الدوري الألمانية منها نادي لوفتفافن هامبورج وشارك في بطولة الدوري الألماني في عام 1943، حيث تشكل النادي من مجندين من القوات الجوية الألمانية التي سيطرت على الأجواء في كل أوروبا وبثت الرعب في مختلف الدول التي احتلتها القوات النازية ولعبت دوراً حاسماً في بسط سيطرة الرايخ الثالث على الحلفاء في بداية الحرب.
وفي إيطاليا استمرت فعاليات الاسكوديتو الإيطالي على الرغم من اندلاع الحرب واستمرت المنافسات حتى عام 1943 للتوقف بعد ذلك ويحل بدلاً منها بطولات إقليمية واستمرت بطولة شمال إيطاليا في عام 1944 ليعود مرة اخري الكالتشيو عام 1945 بعد نهاية الحرب.
"كرة القدم اثناء الحرب لم تكن بديلة لكرة القدم الحقيقية ولكنها خدمت غرض نبيل، وعلى الرغم من الازمات التي تعرضت لها الأندية بغياب الكثير من لاعبيها بسبب الاستدعاء للحرب ولكن الشغف بكرة القدم انتصر."
" على الرغم من الصعوبات التي واجهتنا في إقامة المباريات والشكوك في خوض اللقاءات حتى اللحظات الأخيرة بسبب عدم اكتمال الفرق المتنافسة الا اننا قدمنا كرة قدم تمتعنا بها وكانت المباريات تقدم للمواطنين المهرب المناسب من ويلات الحرب"
توم فيني لاعب بريستون نورث ايند وأحد أبرز لاعبي كرة القدم الإنجليزية اثناء الحرب..
كأس العالم والاولمبياد:
طال ضرر الحرب العالمية حتى بطولة كأس العالم وهي البطولة الأبرز عالمياً على مستوي المنتخبات، حيث تم الغاء البطولة في نسخة عام 1942 وفي نسخة عام 1946 بسبب الحرب لتعود مرة اخري عقب انتهاء الحرب في عام 1950.
وكما الحال في كأس العالم ضربت الحرب العالمية الاولمبياد، حيث تم الغاء الاولمبياد عام 1940 والتي كان من المنتظر ان تستضيفها اليابان وتحديداً مدينة سابورو كما تم الغاء نسخة عام 1944 والتي كان من المنتظر ان تستضيفها لندن.
عادت الاولمبياد للحياة بعد نهاية الحرب بنسخة عام 1948 في لندن ليطول توقفها لمدة 12 عام منذ 1936 كما توقف كأس العالم لمدة 12 عام منذ عام 1938 حتى عاد مرة اخري عام 1950 بالبرازيل.
نزيف الملاعب:
نزفت كرة القدم بشدة في اثناء الحرب العالمية الثانية، ولم تسلم حتى الملاعب بالطبع، حيث كانت هناك العديد من الملاعب التي كان يتم بناءها بجانب المناطق الصناعية وهو ما كان يعد اهداف عسكرية واضحة وصريحة للقصف الجوي في خلال الحرب.
وعلى ذلك فقدت الرياضة العديد من الملاعب بسبب القصف الجوي وخصوصاً على الأجواء الإنجليزية، حيث تم قصف ملعب اولدترفورد الشهير الخاص بنادي مانشستر يونايتد في أحد غارات سلاح الطيران الألماني «لوفتفافن» وهو ما تسبب في خوض الفريق الأحمر لمبارياته المقامة على ارضه على ملعب جاره الدود مانشستر سيتي حتى عام 1949.
كما تضرر ملعب هايبري معقل المدفعجية آنذاك بشكل كبير وخاض مبارياته على ملعب خصمه وجاره توتنهام هوسبيرز، كما تضرر ملعب ويمبلي بشكل بالغ في أحد الغارات عام 1944.
كما فقد نادي استون فيلا السيطرة على ملعبه في مدينة بيرمنجهام بسبب حاجة الجيش للملعب في فترة الحرب ولم يتمكن من خوض أي لقاء عليه حتى عام 1942.
العديد من الملاعب تضررت في إنجلترا جراء القصف الشديد من الطيران الألماني، حيث ضرب الغارات ملاعب شيفيلد يونايتد وليستر سيتي وهارتبول وساوثهمبتون وبريستول سيتي والعديد من الأندية الأخرى.
ولم تقتصر الاضرار علي ملاعب إنجلترا فقط بل ضربت انحاء متفرقة في أوروبا، حيث تضرر ملعب جورجيو اسكاريلي ملعب نادي نابولي بسبب القصف الجوي اثناء الحرب وملاعب اخري في ورسو والاتحاد السوفيتي في تلك الحقبة الزمنية.
وفي المانيا قصف طيران قوات الحلفاء العديد من المدن الألمانية وتضرر أكثر من ملعب لتشارك الملاعب الألمانية في نزيف الملاعب الذي امتد في كل انحاء أوروبا خلال الحرب العالمية.