معظم جماهير الأهلي كانت تخشى أن يستمر الأداء السيء للفريق في مباراة السوبر الأفريقي أمام الصفاقسي التونسي كاستمرار للتدهور الذي شاهدناه في الدوري إلا اننا استمتعنا بأداء رائع والتزام تكتيكي كامل من جميع اللاعبين بالوظائف المنوطة بهم.
من اللاعب الذي صنع هذا الفارق؟
بالعودة للمباريات الأربعة الأخيرة نرى أن نقطة ضعف الأهلي كانت في مركز الظهير الأيمن حيث لعب جميع المدربين المنافسين على هذه الثغرة التي لم ينجح أحمد نبيل مانجا ورامي ربيعة في سدها ولا تقديم الدور الدفاعي والهجومي المطلوب سواء في التغطية العكسية او في العرضيات القاتلة.
منذ بداية مباراة الصفاقسي وجدناً اداء مغايراً لأجنحة الأهلي حيث لم تكن المسؤولية ملقاة على عاتق عبدالله السعيد لصنع اللعب من العمق فأحمد فتحي وجد أمامه شارعاً من المساحات بعد تركيز النادي التونسي على الجبهة اليسرى التي كانت فعالة في الدقائق الأولى عبر ناجي جدو وسيد معوض فاضطر الى نقل محمد منصر الى الجبهة اليسرى وبهذا لم يجد فتحي أمامه سوى علي معلول كابتن الصفاقسي في الرواق الأيمن خالقاً للأهلي ثلاثة فرص خطيرة خلال خمسة دقائق من تحويل الكرة من وسط الميدان بسرعة وتمريرات ارضية الى فتحي الذي تكفل بإرسال كرات عرضية مقوسة على ارتفاع منخفض استغل جدو احداها واحرز هدف الشوط الأول.
الفارق الآخر الذي صنعه أحمد فتحي كان في تقدمه في وسط الميدان للضغط على الجبهة اليسرى للصفاقسي وتشكيل رأس مثلث مع حسام عاشور وعبدالله السعيد لوضع وسط ميدان بطل الكونفدرالية في فكي كماشة وهو ما جعل بناء الهجمة عند الصفاقسي مشتت طوال المباراة.
واحدى المميزات لفتحي انه يؤدي واجبه الهجومي على أعلى مستوى بدون أن يترك ورائه مساحات واخطاء دفاعية كما يحدث في بطولة الدوري عندما تغيب البلدوزر.
حاول المدير الفني للرياضي الصفاقسي محمد الدو ان يرمي ادريسا كوياتي وفرجاني ساسي خلف فتحي لاستغلال العرضيات الا أن التغطية العكسية للظهير الأيمن الدولي كانت "كما يقول الكتاب" وهو ما ساعد اكرامي بشكل كبير على الاهتمام بمنطقته بدون الحاجة الى ان يتقدم في منطقة الجزاء ليغطي اخطاء دفاعاته.
سور الوسط الدفاعي قطع امدادات الصفاقسي
التشكيل الذي لعب به محمد يوسف كان 4-3-2-1 بتوظيف ثلاثة لاعبين ارتكاز في الوسط واضعاً عاشور على دائرة الوسط ومن حوله شهاب وربيعة أمامهم عبدالله السعيد محطة تسلم وتسليم مع اعطاء حرية كاملة لمحمد ناجي جدو للانطلاق كيفما شاء من الخلف واليسار واليمين فشاهدنا جدو في كافة انحاء الملعب.
ومع تسلم الصفاقسي للكرة في منطقته نجد ضغطاً من عمرو جمال والسعيد وجدو واحد لاعبي الوسط غالباً يكون شهاب او ربيعة وهو ما جعل الصفاقسي غير مرتاح طوال التسعين دقيقة في تحضير أي هجوم واحياناً كان يضطر حامل الكرة الى ارسال تمريرته الى خارج الملعب.
بهذا التكتيك فصل محمد يوسف خطوط الصفاقسي عن بعضها البعض وهو ما دفع بكابتن الفريق علي معلول ان يزيد مع وسيم كمون في خط الوسط لموازنة التكتل الأحمر، وكانت تعليمات يوسف بتواجد اربعة لاعبين من الأهلي بشكل دائم في المنطقة القريبة من اكرامي لمنع الهجمات المرتدة التي يجيدها فخر الدين بن يوسف أفضل لاعب في الصفاقسي وأحد نجوم منتخب تونس، وبالفعل اذا ما عدنا لفيديو اهداف الصفاقسي سنجد أن فخر الدين كان محاطاً بثلاثة مدافعين في كرة ضربة الجزاء وان كان تأخر سيد معوض في التغطية العكسية ووقوف محمد نجيب سهل المأمورية على اللاعب وفي الهدف الثاني واجه بن يوسف اربعة مدافعين اهلاوية لكن مع بطء حسام عاشور في الضغط من منطقة الوسط و"ترقيصة" بن يوسف لمحمد نجيب الذي اعطى اللاعب ظهره في مواجهة المرمى اطلق فخر الدين صاروخاً لا يرد من اكرامي ويتجمل نجيب مسؤوليته.
ان غاب السعيد...العب يا جدو
الأسوار الدفاعية التي صنعها يوسف جعلت مهمة الصفاقسي في تشكيل خطورة على بطل أفريقيا ضعيفة، وفي نفس الوقت اعطاء جدو حرية الحركة بالكامل ليعود الى منطقة دفاع الأهلي للمساعدة في الضغط ثم تكوينه محطة تسلم وتسليم في الوسط للانطلاق او مساعدته لسيد معوض في الجبهة اليسرى جعلت الأهلي يظهر كأنه يلعب زائداً للاعب، ولم نتوقع عودة جدو الى مستواه البدني بهذه السرعة التي تحسب له وانطبق عليه التشجيع "عايز تهده هاتله جدو" فلاعب الاتحاد السابق كان مشاركاً في كل الكرات العالية مع وسط الصفاقسي ودفاعه ونجح في الحصول على كرات متعددة بسبب ارتقائه وقوته، وشكلت سرعته مشكلة حقيقة عندما انطلق مع سيد معوض وان غاب التفاهم في بعض الكرات.
السعيد ظهر في بعض الأحيان في نقل الكرة من العمق الى الأجنحة عندما تتواجد مساحات لكنه لم يحاول تمرير اي كرة بينية لعمرو جمال الذي كان معزولاً في الثلاثين دقيقة الأولى من المباراة واعتمد على العرضيات من فتحي ومعوض وجدو، ومع انخفاض مستوى السعيد قام جدو بالتعويض في صناعة اللعب حيث انطلق من الخلف للأمام معتمداً على عدم وجود رقابة ليبني هجوم الأهلي بتوزيع الكرة والدخول بسرعة ليكون رأس حربة ثاني بجانب عمرو جمال كما جاء في الهدف الأول.
ماذا بعد اعتزال الأسطورة وائل جمعة؟
كتب وائل جمعة نهاية مشواره الكروي بعد حمله لكأس السوبر الأفريقي، فأعلن وائل جمعة اعتزاله مع نهاية الموسم كما فعل بركات في نهاية الموسم الماضي، ووائل جمعة هو أسطورة دفاع الأهلي عبر التاريخ وهو أحد أفضل مدافعي أفريقيا عبر الزمن ونجح في بناء أسطورة دفاعية اسمها صخرة الأهلي وائل جمعة.
بالأمس وائل لعب كأنه في أوج عطائه فتفوق على نفسه في التمركز والتحرك والالتحام وحتى السرعة فأنقذ دفاع الأهلي من كرات متعددة ومنع ادريسا كوياتي من تشكيل اي خطورة على مرمى اكرامي، لكن هل سيكون دفاع المارد الأحمر بنفس القوة بعد رحيل الصخرة؟
الاجابة هي للأسف لا؛ فمحمد نجيب يثبت من مباراة للأخرى انه ثغرة دفاعية حقيقة فهو يرتبك عند الضغط ويمكن "ترقيصه" بسهولة كبيرة مكرراً نفس أخطاء مباراة غانا فالمدافع مهما فعل يجب ألا يعطي ظهره للمهاجم في منطقة جزائه، ولو راجعنا الهدف الثاني للصفاقسي لوجدنا ان بن يوسف راوغ نجيب بتمويهة عادية ليلتف ظهير الأهلي حول نفسه معطياً ظهره الى فخر الدين الذي وجد المساحة امام للتسديد ليسجل هدفاً اعاد المباراة الى الاشتعال.
احدى مشاكل نجيب الأخرى هي البطء في التحرك الأمام وسوء التمريرات عندما يشعر بالضغط او الارتباك وهو أمر يجعله غير قادر على حماية دفاع الأهلي بعد رحيل جمعة ويشاركه في هذا سعد سمير فبالرغم من قوة سعد البدنية الا انه يفشل في التمركز الصحيح والضغط وحتى الكرات العرضية تمر منه رغم طوله.
دفاع الأهلي سيعاني اذا لم نجد حلاً سريعاً حتى لو اضطررنا الى شراء محترف أفريقي يجيد في مركز ظهير القلب، او البحث ضمن اندية الدوري على ظهير يحمل "جينات" وائل جمعة لنبني عليه جيلاً جديداً من الدفاع.
مبروك للأهلي كأس رائع
في النهاية نبارك للأهلي على لقب صعب للغاية في ظروف أصعب واسابيع سابقة مأساوية وكارثية على الجماهير بثلاثة خسارات وتعادل وهدفين في خمسة مباريات احدهما من ضربة جزاء، لكن الأهلي بطلاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى فعند وضعه في اختبار البطولة فهو يعود ويفاجيء الجميع بثلاثة اهداف رائعة ليرفع عدد بطولاته الى 126 بطولة منهم ستة القاب سوبر أفريقي...مبروك يا أهلي.