اللي بنى مصر كان في الأصل أهلاوي... "6"



في الحلقة الخامسة من حلقات "اللي بنى مصر كان في الأصل أهلاوي" تحدثنا عن اللجنة العليا لإدارة النادي الأهلي، واعتمادها للرسومات النهائية لإنشاء النادي والبيت "المبنى الإداري"، وكيف تم طرح أسهم شركة النادي الأهلي للاكتتاب العام، وكانت حصة السهم الواحد خمسة جنيهات.

كما تحدثنا عن تأسيس شركة مدنية باسم "شركة النادي الأهلي للألعاب الرياضية"، ولاحظنا كيف تمت صياغة عقد الشركة بصورة بالغة الدقة، وكيف أن العقد لم يترك كبير ولا صغيرة، وهو الأمر الذي بدأه الأجداد، وسار عليه الأبناء والأحفاد حتى يومنا هذا، ولكل هذا أصبح هذا هو النادي الأهلي المدرسة الإدارية الأولى في مصر.

واليوم نستكمل الحديث حول الكيان الكبير وكيف سارت أعمال إنشاء حتى افتتاحه رسمياً، فقد تواصل العمل بين أعضاء اللجنة العليا لإدارة النادي الأهلي، وكأي عمل جديد ينشأ للمرة الأولى كان هناك الكثير والكثير من العراقيل الناتجة إما عن قلة خبرة أو لعدم دفع الكثير من المساهمين لقيمة حصتهم من الأسهم في موعدها مما تسبب في التعطل لبعض الوقت لحين جمع الأموال، وكانت للجنة العليا قرارات صارمة تجاه كل من لم يلتزم، إما دفع باقي المستحق عليه أو التنازل عن الأسهم لمن يلتزم من الذين يرغبون في الاكتتاب في أسهم النادي.

وكان كبار المكتتبين في أسهم النادي عند إنشاءه كل من عزيز عزت باشا وعمر سلطان بك وإدريس راغب بك "100" سهم لكل منهم، وحسين رشدي باشا وإسماعيل سري باشا وعمر لطفي بك "40" سهما لكل منهم، ومحمد محمود باشا ومحمد طلعت حرب باشا "20" سهما لكل منهم، وأمين سامي باشا ووأحمد شفيق باشا "15" سهما لكل منهم، ومتشل أنس وأحمد مدحت باشا وعلى ابو الفتوح باشا وأبو بكر راتب بك "10" اسهم لكل منهم، وتنازل متشل أنس فيما بعض عن أسهمه للنادي، وأخيراً ساهم جعفر باشا والي بالمساهمة بستة أسهم.

تم الاتفاق مع مقاول إنشاءات النادي، واعتمد مبلغ 2250 جنيها كقيمة إجمالية لهذه الإنشاءات، وتم دفع أول دفعة مالية للمقاول في 15 أكتوبر 1907 وقيمتها 500 جنيه، وتم طبع ألف نسخة من عقد شركة النادي باللغتين العربية والفرنسية لتوزيعها على المكتتبين.

سعد زغلول.. رئيساً للجمعية العمومية                      

وفي جلسة 18 يوليو 1907 قررت اللجنة العليا لإدارة النادي الأهلي أن يكون سعادة ناظر المعارف "وزير التربية والتعليم" رئيساً للجمعية العمومية للنادي، وكان القرار منطقياً، فقد يتساءل بعض من لم يتابع الحلقات، ولماذا ناظر المعارف وليس غيره؟، والإجابة أن فكرة إنشاء النادي ولدت في رأس عمر لطفي بك "رئيس نادي المدارس العليا" لتأسيس نادي رياضي يجمع طلبة نادي المدارس العليا المهتمين بالسياسة وغيرهم من طلبة المدارس لبنائهم رياضياً ويعدهم لتقلد مكانهم في طليعة شباب الوطن الباحثين عن حرية مصر من الاستعمار.

وتشاء الظروف أن يكون ناظر المعارف في ذلك الوقت هو سعد زغلول باشا، قائد ثورة 1919، ليكون ارتباط النادي الأهلي بالرموز الوطنية المصرية أبدياً متوافقاً مع الفكرة الأساسية للنادي الأهلي.

ولأن مؤسسي النادي الأهلي  لم تكن لهم الخبرات اللازمة لإنشاء النادي وكما استعانوا بالمتخصصين لإنشائه، قرروا الاستعانة بالخبرات الإدارية لأول نادي أشيء في تاريخ مصر وهو "النادي الخديوي للألعاب الرياضية" بالجزيرة، والذي أنشأه الإنجليز بعد الاحتلال البريطاني لمصر، وأصبح اسمه الآن "نادي الجزيرة الرياضي"، فاستعان عمر لطفي بك بقانون "لائحة" نادي الجزيرة، لعمل مشروع قانون "لائحة" إدارة النادي الأهلي، والطريف أنه كان يطلق على قانون النادي في بعض الوثائق "نظامنامة" النادي وهي مأخوذة من اللغة الفارسية، ومعروف في ذلك الوقت أن الكثير من المصطلحات الفارسية والتركية اختلطت بالعامية المصرية وأخذ بها مثل أجزخانة وهي كلمة نصفها الأول تركي والأخير فارسي.

كما تم الاتفاق على تعيين جنايني بماهية قدرها جنيهان في الشهر من أول ديسمبر 1907، ومساعد له بماهية جنيه ونصف، وقررت العمل على مد مواسير المياه لأرض النادي، وبعدها توالت الجلسات لمتابعة الإنشاءات ومتابعة وتنقيح قانون النادي "اللائحة" ومراجعتها أولا بأول مع ناظر المعارف "رئيس الجمعية العمومية للنادي" قبل الإقرار النهائي لها.

وفي فبراير 1908، قابلت اللجنة العليا لإدارة النادي الأهلي مشكلة كبيرة، فهناك الكثير من أعضاء اللجنة يتولون مناصب في أقاصي الصعيد والوجه البحري، ومسألة متابعة الأعمال تستلزم الاجتماع بصورة دورية والاتصال المكثف، ولما كان هذا الوقت السفر فيه مرهق للغاية، ووسائل الاتصال ضعيفة، فتم الاتفاق على أن يستقيل من اللجنة كل من ينتدب للعمل خارج القاهرة، وأن يستبدل بغيره، وكان من هؤلاء المستقيلين عبد الخالق ثروت باشا لانتدابه مديراً "محافظاً" لأسيوط، فتم مخاطبة علي باشا أبو الفتوح ليحل محله، وتم تعيين محمد على بك دولار أمين صندوق شرف من غير أجر، ومخاطبته لقبول هذه الوظيفة، ووافق.

النادي الأهلي للرياضة البدنية

وفي اجتماع اللجنة العليا يوم 25 فبراير 1908 تقدم سعادة أمين باشا سامي عضو اللجنة، وعميد مدرسة دار العلوم في ذلك الوقت باقتراح تعديل اسم النادي كالآتي "النادي الأهلي للرياضة البدنية"، لأن الرياضة البدنية أعم وأكمل من عبارة "للألعاب الرياضية"، فقررت اللجنة ذلك باتحاد الأصوات، ثم قررت اللجنة عمل قرض من البنك الأهلي المصري قيمته ألفا جنيه مصري، ووافق كل من إدريس راغب بك وعمر سلطان بك وطلعت بك حرب أن يكونوا ضامنين لسداد القرض.

وفي جلسة 31 مارس 1908 وصل خطاب من المقاول لاستلام النادي بعد انتهاء الإنشاءات، لكن كانت هناك ملاحظات عديدة عليها، فتم تكليف لجنة لمتابعة الملاحظات واستلام النادي من المقاول، كما تم الاتفاق على قائمة الأثاث الذي سيتم شراءه من لندن، ووافقت اللجنة على ذلك.

وبعد ذلك تناقشت اللجنة في القيمة التي سيدفعها نادى المدارس العليا كاشتراك جماعي لأعضائه لدخول النادي الأهلي، وقررت يدفع اشتراكا سنوياً قدره مائه وعشرون جنيهاً مصرياً عن أعضائه من الطلبة، وإذا وجد من ضمن أعضائه الذين يلعبون في هذا النادي متخرجون فيدفع النادي في كل سنة عن كل عضو منهم جنيهاً مصرياً إضافياً، وقررت إنه في أول يناير من كل سنة تحصر أسماء الطلبة الذين دخلوا أعضاء في نادى المدارس العليا ويؤخذ عن كل واحد خمسون قرشاً علاوة على مبلغ الاتفاق المذكور وأن يسرى هذا القرار لمدة ثلاث سنوات.   

وأخيراً وفي نفس الجلسة تقرر أن تجتمع اللجنة في مقر النادي بالجزيرة للمرة الأولى في تاريخه يوم الخميس 2 أبريل 1907، ويكون على جدول الأعمال النظر في استقالة مستر متشل أنس رئيس اللجنة العليا للنادي.

عزيز باشا عزت رئيساً للجنة العليا

وفي اليوم المذكور اجتمعت اللجنة العليا بمقر النادي وناقشت استقالة مستر متشل أنس رئيس اللجنة العليا للنادي لدواعي سفره إلى بلاده، ووافقت اللجنة، وانتخبت سعادة عزيز باشا عزت رئيساً للجنة باتفاق الأصوات.

ثم اقترح أمين سامي باشا أن يتم إهداء مستر متشل أنس رئاسة النادي الشرفية مع توجيه الشكر له على فترة رئاسته للجنة، ثم تقرر بعدها إرسال خطاب بالفرنسية لجناب المستر متشل أنس تهنئة له على تعيينه مستشاراً للسفارة البريطانية في وشنجتن "واشنطن".

وفي 12 نوفمبر 1908 بدأت الخطوات النهائية لافتتاح النادي الأهلي، حيث قررت اللجنة برئاسة عزيز عزت باشا انتداب محمود بك فهمي "باشمهندس" الأوقاف لفحص بناء النادي والتنبيه على المقاول بعمل التصليحات اللازمة قبل الاستلام، وإنهاء العمل بجنينة النادي، والتصريح بتركيب "قوائم الأجوال" لملعب كرة القدم، وتركيب طاولتي البلياردو بعد تصليح الأرض، وإعداد ملعبي التنس.

وفي جلسة 17 ديسمبر 1908 قررت اللجنة الإعلان عن قرب افتتاح النادي بالجرائد، وأن يتم الإعلان أيضاً عن قبول أعضاء بالنادي بداية من أول يناير 1909، وأن يتم إيداع استمارات الاشتراك للراغبين في: نادي المدارس العليا، ومكتب المحاماة التابع لعمر لطفي بك، ومقرات صحف اللواء والمؤيد والجريدة.

وفي جلسة 28 يناير 1909 تقرر أن يكون الافتتاح الرسمي للنادي يوم 26 فبراير 1909، وتم الإتفاق على دعوة النظار "الوزراء" والمستشارين ووكلاء النظار ورؤساء المصالح ونظار "عمداء" المدارس العليا ووكلائهم ومستشارو المحاكم الأهلية.

كما تم الاتفاق على تأجير صيوان لجلوس المدعوين، مع طبع بروجرام للحفل يذكر فيه غرض إنشاء النادي وتاريخه وشروط الاشتراك فيه.

كما تقرر أن يشارك طلبة نادي المدارس العليا، ومدرسة البوليس ومدرسة الحربية في الألعاب التي ستجرى في الاحتفال، ويشاركهم أعضاء النادي الرياضي بالتوفيقية، مع إحضار فرقة موسيقي مدرسة البوليس، كما تقرر أن تكتب لوحة كبيرة بها اسم النادي في أول الشارع الموصل للنادي الأهلي بالجزيرة وهو الشارع الموجود عند نادي المعلمين حالياً، وتقر أيضاً مخاطبة شركة التليفون لتركيب "آلة" بالنادي، واقترح أن يعطى البوفيه لخبير يتعهد بتوريد لوازمه وخدمته مجاناً في الستة شهور وبعد ذلك بأجرة شهرية بشرط أن يقدم المرطبات بالأسعار التي يتفق عليها مع النادي، وتركيب دواليب لحفظ ملابس ونقود اللاعبين أثناء اللعب.

وفي 11 فبراير 1909، تقرر دعوة ولي العهد لحضور افتتاح النادي، وتمت دعوة طلعت بك حرب ليكون عضواً باللجنة العليا بدلاً من أحد المستقيلين، ومخاطبة شركة الغاز لتوصيل الغاز وتركيب اللمبات لإنارة النادي.

 

الافتتاح الرسمي 26 فبراير 1909

وفي يوم الجمعة 26 فبراير 1909 كان الافتتاح الرسمي للنادي الأهلي، بحضور مندوب عن حضرة الخديوي عباس حلمي الثاني، وسعد باشا زغلول ناظر المعارف وعدد من نظار الوزارات الأخرى ومستشاريهم ووكلاء الوزارات ورؤساء المصالح ونظار المدارس العليا ووكلائهم وبعض مستشاري المحاكم، وتبرع عزيز عزت بأغلب نفقات الحفل الذي أدارته لجنة خاصة اختارها النادي برئاسة أمين باشا سامي وضمت من خارجها المستر سكوت المدرس بالحقوق والمستر شارمين المستشار بوزارة المالية والمسيو بوكولينى رئيس نادى التوفيقية.

ويبدأ النادي الأهلي تاريخه في الرياضة المصرية... والذي توجه بلقب نادي القرن الأفريقي، كأعظم أندية مصر والقارة السمراء.

للتواصل مع الكاتب:

لمتابعة الكاتب عبر الفيس بوك

لمتابعة الكاتب عبر تويتر

استطلاع الراى


توقعاتك لمواجهة الأهلي ضد مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا؟
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا