رحيل احمد حجازي .. كراهية الكرة المصرية واشياء اخري



اثار رحيل أحمد حجازي مدافع فريق النادي الأهلي موجات متباينة من ردود الأفعال لدي العديد والكثير من جماهير النادي الأهلي وجماهير الكرة بشكل عام.

في الحقيقة انا لا اريد ان اطلق الأحكام بشكل سريع علي اي انتقال او اي رأي من تلك الاراء التي تناولت إنتقال المدافع الدولي المتميز من صفوف النادي الأهلي الي نادي ويست بروميتش البيون النادي الذي ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز.

انا اريد فقط ان اتحدث عن بعض الشواهد قبل ان نطلق الأحكام، ففي هذة المواقف لابد ان نحترم الرأي المطالب بالحفاظ علي لاعبي النادي الأهلي، بالطبع لهذا الرأي وجاهة، المشجع يرغب في قوة فريقه بعيداً عن اي شئ فلا يمكن ان نهاجم من يرغب في الحفاظ علي المدافع الاهم علي الساحة المحلية وخصوصا مع عدم توافر البديل الذي قد يكون علي نفس المستوي.

ولا يمكن ان ننكر علي الجانب الأخر من يري انها فرصة صعب ان تتكرر بالنسبة لاحمد حجازي، فعلينا فقط قبل اطلاق الاحكام علي هذا الرأي او ذاك ان نتحدث في بعض الحقائق لا اكثر.

هل لنا ان نقف ونتناول تلك المنظومة التي اوقعنا حظنا السئ بها قبل اي شئ، علينا ان نعترف ان وفاة الكرة المصرية هو امر فعلي لكن فقط مع ايقاف التنفيذ، لا يمكن ان نخدع انفسنا اكثر من ذلك، تلك المنظومة التي يخوض النادي الأهلي بها منافساته المحلية هي منظومة متهالكة منتهية تسير في خط بعيد كل البعد عن اي منظومة طبيعية ومنطقية في كرة القدم.

الدوري المصري لا ينتهي، الدوري المصري يبدأ فقط، في كل موسم يبدأ الدوري ولا ينتهي حتي يأتي الموسم المقبل فيبدأ من جديد، لا تدري كيف تدار تلك المنظومة، لك ان تتخيل ان الاندية العالمية في اي دوري يحترم نفسه بدأت بالفعل الاستعداد للموسم الجديد بينما لم ينتهي الدوري المصري بعد حتي الان، بل انتهي بعضه ولم ينتهي البعض الاخر، وحتي المباريات التي انتهت لم تنتهي معاً مثل اي بطولة محترمة في العالم.

الكاس في مصر ينبت كل موسم من العدم، لا تدري في اي دور تأتي تلك المباراة، وفجأة تنطلق مبارياته لتلعب تلك الاندية في دور ثم في وقت اخر تلعب اندية اخري نفس الدور في فترة زمنية مختلفة بالموسم فتجد فريق ينتظر في دور ربع النهائي منافسه الذي مازال يخوض دور الـ32 في ابرز تجلي للفشل وإنعدام مفهوم الاحتراف.

هل تعلم متي تبدأ فقرة الانتقالات او متي تنتهي، هل يمكنك ان تتخيل ان يبدأ ريال مدريد الموسم المحلي مثلاً لينتهي الدوري مع تبقي مباراة لتبدأ مباريات كاس الملك هناك مع فتح باب الانتقالات الجديدة فينضم اللاعبين الجدد للفريق ويلعبوا في كأس الموسم الماضي!

هذا ما يحدث في الكرة المصرية في كل موسم، بل بأمكانك ان تنتظر ما يحدث مثل انتظار الحلقات المملة من مسلسل زاد عن 400 حلقة بنفس الاحداث في كل مرة بشكل عجيب وغريب، فما يتم ذكره لا يحدث بشكل استثنائي بل هو الطبيعي في كل موسم من مواسم الكرة المصرية التي لا يمكن ان يظهر لها شكل واضح او منتظم.

الكثير من التفاصيل التي قد يتم سردها في صفحات وصفحات، في كل موسم لابد وان يكون هناك مباراة قمة ولابد ان تحدث المواجهة المعتادة بين رئيس الزمالك والاتحاد المصري وادارة الأهلي في تحديد الملعب لينسحب مرتضي منصور ويعود مرة اخري وبهدد انه لن يخوض اللقاء.

دوامة الملعب في كل موسم، هل نلعب بالدفاع الجوي، هل نسافر برج العرب، هل يحتضن ملعب السلام مباريات الفريق، والموافقات الامنية وما يحدث في كل موسم بشكل متكرر عجيب، هل تذكر معارك التحكيم بكل موسم.

تلك المداخلات الهاتفية في الاعلام الرياضي التي تحدد شكل الكرة المصرية، هل تصدق ان يتم ادارة المنظومة من الاعلام، هل تعلم شخصيات المسؤولين عن الاتحاد الانجليزي لكرة القدم او نظيره في اسبانيا او ايطاليا، هل يتواجد احدهم في القنوات المحلية ليحلل مباريات البطولة، هل يدخل رؤساء الاندية في اسبانيا او انجلترا في مداخالات هاتفية ليقوموا بذكر ام هذا وزوجة هذا وطعن هذا في شرفه مثلاً.

هل يقوم رئيس نادي مانشستر يونايتد مثلا او الارسنال بالخوض في عرض لاعب او سبه في الاعلام، لا يمكن ان اتذكر هذا علي الاطلاق، لم اري ذلك بالطبع.

بأمكان رئيس نادي هنا ان يشن حملة اعلامية ويتحدث في احد البرامج ثم يغلق الهاتف ليتحدث في برنامج اخر ثم اخر ثم اخر ليعترض او يطلب شئ من الاتحاد ليقوم مقدم البرنامج بالاتصال بالمسئول في الاتحاد ليقوم بالرد والنقاش بغض النظر عن اي تجاوز قد يخرج من الطرف الاخر الذي سيكون مرتضي منصور في اغلب الحالات ليتم صناعة القرار في الاعلام!

وقد يتواجد عضو مجلس ادارة الاتحاد في هذا البرنامج او ذاك كمحلل، لا توجد مشكلة، وهكذا تدار المنظومة الكروية العريقة، وهذا يحدث كل موسم بالطبع بدون توقف.

وفي كل موسم نقع بشكل منتظم لابد ان يثير دهشتك في ازمة القيد، وتقع الاندية المشاركة في البطولات القارية في اشكالية القائمة المحلية التي لا نعلم موعداً واضح لها والقائمة الافريقية، لسنوات وسنوات لم يتم حل تلك الازمة، وبالطبع لا يمكن حلها لان الدوري يبدأ ولا ينتهي.

وبالطبع لا يمكن ان ننسي ازمة المدرجات والجماهير وغياب العامل الاهم في كرة القدم في المطلق، المعضلة ان ما يصيبك بالضيق لم يصبح غياب الجماهير في الاساس، نعم لم تعد تلك المشكلة الأهم، بل الاخبار التي يتم تداولها بشكل منتظم عن عودة الجماهير، هل تصدق اننا لسنوات وسنوات نسمع ان الجماهير ستكون موجودة بالمدرجات الموسم المقبل، تلك التغطية الاخبارية التي تأكد انه لا مجال لكرة القدم بدون جماهير وبالموسم المقبل وبعد الموافقة الامنية سيكون هناك جماهير.

لا يحدث ذلك بالتأكيد، وبعد العديد والعديد من تكرار الوعود المملة وصلت الامور الي اختيار الجماهير التي تدخل لمباراة كرة قدم، ستحضر المباريات لا تقلق ولكن بدعوات لا يمكن ان تصل اليك فلا تحضر المباريات لا تقلق ايضاً، ولا تنسي فقرة رئيس النادي الذي يكون مرتضي منصور ايضاً في ذلك الصدد، وهي الفقرة التي سيسب بها الجماهير البيضاء مثلاً ثم يقسم انهم لن يدخلوا الملعب مرة اخري.

وقد تحدث مواجهات، وقد يتم القبض علي بعض الجماهير، ثم تخرج تلك الدعوات التي تطالب بالحرية لمن تم القبض عليهم، في دورة حياة لا ادري كيف نحتملها او نتعامل معها، ارجوكم اوقفوا تلك الدائرة التي تبتلعنا جميعاً فلتذهب المدرجات الي الجحيم لا نريد اي شئ الا ان تكفوا عن تكرار تلك الاحداث بشكل ثابت يبعث علي الجنون!

هل سألت نفسك لماذا زادت بشكل لافت للنظر شعبية الاندية الاوروبية في السنوات الاخيرة، وتغيرت التركيبة الجماهيرية بشكل لا يمكن ان تتجاهله حتي لا تقوم بخداع نفسك، واصبحت نزعة التعصب لتلك الاندية العالمية واضحة بشكل كبير.

لابد وان يزيد التوجه للأندية العالمية والمسابقات الاوروبية، لا لم يكن احتراف المصريين السبب، بل مسابقات المصريين عليها العامل الاكبر، ما الفارق بين تشجيع الأهلي وهو يلعب في برج العرب، وانت لا تستطيع حضور المباراة، وبين تشجيع بايرن ميونخ او مانشستر يونايتد او برشلونة او ريال مدريد وانت لا تستيطع حضور المباراة ايضاً!

الفارق الوحيد انك قد تستطيع ان تحضر اي مباراة في اوروبا لو توفرت لك الامكانيات المادية، بينما لا تستطيع حضور مباراة الأهلي او الزمالك في برج العرب او ملعب السلام او في اي ملعب بالطبع.

سنوات طويلة نري الدوري الانجليزي والاسباني والايطالي واي مسابقة اوروبية تسير كالساعة بشكل مثير للدهشة، حقاً هل تبدأ المسابقات في وقت معين وتنتهي في وقت معين وهناك معسكرات وراحة سلبية وفترة انتقالات واضحة المعالم، هل يتم تقديم اللاعبين بشكل واضح، هل هناك شكل واضح بالفعل لتلك المسابقات؟! هل حقاً يمكن ان تُلعب كرة القدم بتلك الطريقة الجميلة السهلة السلسلة؟!

هل يقوم كرونكي مالك الارسنال او ايد ودوارد المدير التنفيذي لليونايتد او رومان ابراموفيتش بالاتصال ببرنامج علي قناة سكاي سبورت ليهاجموا التحكيم او يسبوا اللاعبين او يتم صناعة القرار بقناة BT الانجليزية مثلاً، هل يقوم فلورنتينو بيريز رئيس الريال او باريتيميو رئيس برشلونة بسب عامر حسين بسبب مواعيد مباريات دور الـ16 لكأس الملك التي لا نعلم متي سيخوضها الفريقان في الوقت التي وصلت اندية اخري الي دور نصف النهائي بنفس المسابقة!

اذا كان من الممكن ان نتابع كرة لا يوجد بها كل تلك الظواهر فلماذا لا نتابعها، لماذا يبدو تشجيع  اي نادي من تلك الاندية العالمية التي تقدم كرة جميلة في منظومة منضبطة بشكل رائع في وسط استحقاقات دولية بالطبع فلماذا لا نتابعها، بل ونشجعها بكل حرارة، قد يقول البعض انه ما علاقتنا بتلك الاندية مثلاً انت تكتفي بمتابعة المباريات في التلفزيون وتحتك بزملائك الذين يشجعوا الاندية الاوروبية الاخري علي المقاهي او علي مواقع التواصل الاجتماعي لتبدأ المشاكسات المعتادة بكرة القدم، تلك هي علاقة عن بعد لا ترضي مشجع كرة القدم بالطبع.

حسناً ماهي العلاقة بين المشجع والنادي في كرة القدم بمصر، هل تستطيع ان تذهب لمباراة مثلا، بل هل تستطيع حضور التمرين بشكل طبيعي اذا اردت، لا تخدع نفسك وتقول نعم.

علينا ان نتحلي بالشجاعة ونعترف ان الكرة المصرية انحصرت في ذلك، اصبحت المناوشات والمشاكسات بين المشجع الأهلاوي والزمالكاوي مثلا مقتصره علي المقاهي او علي مواقع التواصل الاجتماعي، لا يوجد ملاعب ولا توجد اجواء كرة قدم ولا يوجد شغف، فقط اذا اردت ان تتوقف عن خداع نفسك عزيزي ستدرك تلك المسألة.

مع كل خطوة يخطوها مشجع الكرة المصرية اياً كان انتمائه نحو الكرة الاوروبية لا يقطعها عائداً بلا شك، بأمكانك ان تقوم بالسب الان او المزايدة كما تريد، بأمكانك ان تظل في انكار الحقائق كما تريد، لكن تلك الحقيقة التي اكتب وانا متأكد منها بشكل لا يحتمل النقاش او الجدل، اقترابك من تلك المنظومات الرياضية المتكاملة الرائعة التي من الممكن ان تري بها كرة قدم حقيقية-وانا هنا لا اتحدث عن المستوي الفني- كرة قدم بانتظام وبجماهير في الملاعب وبتصوير ينقل لك كل التفاصيل التي تريد ان تعرفها، فلا تنسي اننا الي الان لا نعلم هل اصطدمت الكرة التي ارسلها لاعب النادي الأهلي بيد مدافع المقاصة ام لا، ولا يمكننا ان نحسم الجدل في احدا اهداف الزمالك هل كان اللاعب متسلل ام لا بسبب التصوير بالطبع.

توقف عن خداع نفسك تلك المنظومة المصرية المحتضرة قتلت شغف الجماهير بكل ما تحمله الكلمة من معاني، اصبحت الكرة بلا اي روح علي الأطلاق، هل تذكر احتفال الأهلي بالدوري، حسناً قمنا بنشر تقرير في El-Ahly.com عن احتفالات الفريق ببطولة الدوري العام علي مر السنوات الأخيرة، فلا تقلق فنحن بالطريق لان يتوج الفريق بالبطولة المحلية ثم يكتفي اللاعبون والمسئولون بأبتسامه باهته ثم التوجه الي منازلهم في هدوء ولامبالاة، الا يعطيك ذلك مؤشراً ما؟!

اذا كانت المنظومة بتلك الصورة، والشغف باللعبة في مصر وصل الي تلك الحالة البائسة، فلا تتعجب من ان يستميت اللاعب-اي لاعب- في التمسك بالاحتراف في واحد من افضل مسابقات كرة القدم بالعالم، نعم لا يجب ان تتعجب ذلك هو الشئ الطبيعي، وقد يكون الشئ الطبيعي الوحيد في الأمر.

نعم انا أهلاوي واخشي علي فريقي من رحيل احمد حجازي لانه لا يوجد علي مستوي الكرة المصرية-فقيرة المواهب بشدة في تلك الفترة- من يعوض المدافع ولكن عند نقطة معينة تلك هي مشكلة النادي وليست مشكلة اللاعب، وبالطبع لا يمكن ان تلوم اللاعب وتقول له اين الانتماء، لان الانتماء يحدده ما يقدمه اللاعب وهو يرتدي قميص فريقك، اما بقائه او رحيله عند وجود عرض من الدوري الانجليزي لا يحدد انتمائه بالطبع.

لا تقول لي انه رحل وترك الفريق في وقت غير مناسب، علي مستوي معلوماتي اي نادي في العالم يقوم بالتعاقد مع اللاعبين او الاستغناء عنهم في الانتقالات الصيفية وبالطبع في منظومة مشوهة كمنظومة الكرة المصرية اختفي هذا المفهوم، ولذلك من المنطقي ان يرحل حجازي في هذا الوقت.

نعم ارغب بشدة في استمرار حجازي لاني اعلم ان الفريق قد يعاني لعدم توافر بديل، ولكن اعلم علم اليقين ان النادي الأهلي ان توقف علي حجازي فقط من أجل المنافسة علي بطولة دوري ابطال افريقيا فهو ليس النادي الأهلي وهو لا يستحق ان يفوز بالبطولة للأسف، وبالتالي قبل ان تقوم برد فعل صاخب علي رحيل اللاعب، المنطقي ان تغضب بصورة اكبر علي ان العملاق الافريقي توقف مشوار منافسته علي بطولة دوري الأبطال بسبب رحيل احد لاعبيه.

اما الأنتماء وتقييمه برفض العروض من اندية اخري ورفض الاموال الطائلة من الانتقال الي الخليج مثلاً او اوروبا لم يعد يجدي الأن، لم نعد نتملك تلك النوعية في الفترة الحالية، انتهي الأمر وعلينا مواجهة الواقع، اي لاعب سيطالب بالرحيل من اجل عرض معين، حسناً لا توجد مشكلة وعلي أدارة النادي الأهلي توفير البديل هذا هو دورهم، وان لم يتم توفير البديل المناسب، فالمشكلة لا تكون مشكلة اللاعب بل مشكلة الادراة التي فشلت بكل ما تحمله الكلمة من معني في التعاقد مع بديل رغم توافر الامكانيات المادية اللازمة لذلك.

نعم انا اصبحت اشعر بالكره تجاه منظومة الكرة المصرية، واتابع كرة القدم بها فقط من اجل عشقي للنادي الأهلي ولكن الي اي مدي سيستمر ذلك لديك مثلا، او عند فرد اخر من مشجعين الفريق، عندما نتوقف عن المزايدة بالطبع سندرك حجم المشكلة، وصولنا الي تلك المرحلة طبيعي للغاية، فنحن اصبحنا نتابع فقط من أجل اننا لا يمكن ان نتوقف عن متابعة النادي الذي عشقنا كرة القدم لأجله فقط لا غير، لا يمكن في ظل كل ذلك ان نتحدث عن انتماء لاعب رحل للدوري لانجليزي، اترك الانتماء والمزايدة وتحدث في الشئ الأكثر اهمية، كيف يمكن استمرار منظومة تحتضر والي متي، والي متي سيتسمر هؤلاء في اغتيال الشغف بالكرة المصرية، وان لم تجد كل هذا مهماً، حسناً بأمكانك اطلاق المزايدات كما ترغب فبالطبع انا في نظرك لن اكون "أهلاوي" حقيقي، لا يوجد مشكلة كما تريد.

لمتابعة الكاتب :

تويتر ، فيسبوك

استطلاع الراى


توقعاتك لمواجهة الأهلي ضد مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا؟
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا